في يوم سبتٍ من شهر كانون الأوّل ديسّمبر 2010، أصرّ ابني وابنتي ان اصطحبهما برحلة الى احد المنتزهات الترفيهيّة الشّهيرة...ورغم أنّي كنت مصمّماً أن لا أخرج من المنزل في ذلك اليوم بسبب برودة وردائة الطّقس إذ كانت الثّلوج تنهمر بغزارة وسيّارتي ليست مجهّزة لمثل هذه الحالة الرّديئة للطّقس...
حاولت جاهداً أن أقنعهما بالعدول عن هذه الرحلة، لكن دون جدوى لأن برنامجاً معيناً كان سيُقدّم في ذلك المكان ولا يريدان ان يفوتهما...جهّزنا ما يلزم للطّريق وانطلقنا باتّجاه المكان المقصود...مرّت نصف ساعة على مسيرنا والطّقس في الخارج لا يبشِّر خيراً...فجأة لمحت مؤشِّر حرارة محرِّك السّيارة ارتفع الى حدِّه الاقصى...توقّفتُ جانب الطّريق لأتفحّص مياه خزّان مياه تبريد المحرِّك فوجدته خالياً والبخار يتصاعد منه بكثافة...انتظرت حوالي عشر دقائق حتى يبرد المحرِّك وخزّان مياهه وبعدها ملأته بالمياه فانخفضت حرارة المحرِّك فتابعنا مسيرنا نحو المنتزه...غير أنّه بعد مئات الامتار عادت الحرارة للارتفاع مُجدَّداً، وصدف إلى يميننا وجود محطّة وقودٍ فتوقّفنا عندها لأتفحّص المشكلة من جديد...سألت أحد عمّال المحطة ان كان بإمكانه معرفة السّبب ولكن دون جدوى...شعر وَلَديّ بعقدة الذّنب فأرادا العودة الى المنزل وراحا يعتذرا، كما أنّ أميرتي الصغيرة راحت تجهش بالبكاء ...فرحت أطيّب خاطرهما وأخبرتهما أن الله معنا وكلّ شيءٍ سيكون بخير بنعمة الله...استمرّ الحال على هذا المنوال إذ مررنا بأكثر من خمس محطّات وقودٍ لنملأ خزان التبريد بالمياه...بلغنا المنتزه وقضينا ساعتين من اللعب والتسلية أنستنا مشكلة ارتفاع حرارة محرِّك السّيارة...حان وقت العودة الى المنزل والمسافة ليست قريبة ابداً اذ نحتاج لأكثر من ساعة إذا لم نتوقّف بأيّ مكان...حتّى الآن لم اعرف ما سبب تبخّر المياه من خزان التّبريد...ملأته من جديد وصلّينا وانطلقنا نحو المنزل...بعد عبورنا حوالي "مايل واحد" تقريباً توقّفت عند محطّة وقودً لأملأ خزّان التّبريد وما تيسّر معي من أوعية أخرى حصلت عليها من اصدقاء لنا في المنتزه...سألت عامل محطّة الوقود عن امكانيّة تعبئة المياه فأجاب بالايجاب مرحِّباً بنا...ولما هممت بركوب السّيارة سألني ذلك الشّاب: لماذا كل هذه الكمّية من المياه...فأخبرته بمشكلتنا...سألني: هل يمكن ان القي نظرة لربّما اعرف سبب ارتفاع حرارة محرِّك السّيارة...فأعربت له عن سروري لعرضه الكريم...وبينما كان الشّاب يستكشف السّبب دار بيننا حديثٌ فعرفت انّه من دولة عربيّة شقيقة وهو يدعى حسّان...فحسّان هذا الشّاب العربي اكتشف السّبب إذ تبيّن أن ثقباً أصاب أحد الانابيب التي تصل بين خزّان مياه التّبريد والمحرِّك...احتاج حسّان نصف ساعةٍ تقريباً ليصلح العطل، وهذا الوقت كان كافياً لنتعرّف ببعضنا...سألني حسّان عن عملي فأجبته بأني أخدم المسيح، ثم اخبرني انه يتمنّى ان يحصل على نسخة من الانجيل المقدس ليقرأه بنفسه ويعرف ما فيه...لم يكن لديّ الانجيل المقدّس في سيارتي، غير أنّي قدّمت له نبذة انجيليّة تحكي قصّة الخلاص الذي تمّمه لنا ربّنا يسوع المسيح...بعدها شكرته وعرضت عليه مبلغاً من المال فرفض ان يقبله مُعبّراً عن فرحته لمساعدتنا وانقاذنا من مشكلة السّيارة، ولكنّي اصرّيت على ان يأخذ أجرته فارتضى بمبلغٍ زهيدٍ جداً واعتبر ان النبذة الانجيليّة هي أغلى من الأموال...
ونحن منطلقين عائدين الى المنزل...شكرت الله على رعايته لنا...ثم شاركت زوجتي وولدي بآية من الانجيل المقدّس جاء فيها: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ". (رومية8: 28).
فلو لم تحصل مشكلة السّيارة لما تعرّفت بالشّاب العربي "حسّان" وما كنت شاركته قصّة الخلاص من خلال النبذة الانجيليّة التي قدمّتها له...
أصلّي من أجل هذا الشّاب حتّى يعرف الحقّ فيسير في الطّريق الخلاصي ليبلغ نعمة الحياة الأبديّة...