كان للبنان امتياز عظيم بأن وطأت أرضه قدمي الرب يسوع المسيح لما زار صور وصيدا مروراً بقرى كثيرة...يخبرنا الإنجيل المقدس أن المسيح زار نواحي صور وصيدا وهناك صنع معجزة شفاء ابنة الكنعانية (متى 15: 21-28)...ومن صور وصيدا انطلق جمع غفير الى فلسطين ليصغوا الى تعاليم المسيح ويسألونه شفاء مرضاهم ( لوقا6: 17)...وفي هذه المنطقة من لبنان آمن كثيرون به من سكانها...
المسيحيون في لبنان
نشأت المسيحية في لبنان مع المسيح ومن بعده وصل بولس الرسول الى لبنان وتحديدا مدينة صيدا، فبشر فيها وعلم وأسس كنيسة فتجذرت ونمت وتوسعت حتى صارت مغروسة في مئات المدن والبلدات والقرى اللبنانية ساحلا وجبلا ووسطا من جنوبه الى شماله وشرقه حتى غدا لبنان مهد المسيحية بعد فلسطين والمركز الأول لتجمعهم في العالم العربي ليس من جهة العدد انما من جهة قوتهم وسلطتهم وتشبثهم بإيمانهم وحرية عيش مسيحيتهم مرفوعي الرأس حتى في ظل المصاعب والاهوال الكثيرة التي مروا بها عبر التاريخ القديم والحديث...
ينتشر المسيحيون على الأراضي اللبنانية كافة ولكن تجمعهم الاكبر هو في محافظتي الشمال وجبل لبنان مع وجود فعال وكبير في المحافظات الباقية...
كان وقت يشكل فيه المسيحيون أغلبية السكان الأصليين في لبنان (65% بحسب احصائيات تمت في الاربعينات) وكانوا ممسكين بمقاليد السلطة والحكم بفعالية وخاصة من جهة رئاسة الجمهورية ومراكز مسؤولية كبرى أخرى كقيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي...غير أن الأمر تغير وتبدل خاصة خلال الحروب اللبنانية وخاصة الحرب (الأهلية) التي نشبت عام 1975م واستمرت طيلة 15 سنة عانى لبنان خلالها الدمار والقتل والتهجير والهجرة...وتزعزت اسس بنيانه الاجتماعية والاقتصادية... فبسبب هذه الحرب، انقسم لبنان طائفياً حيث تم تهجير المسيحيين من الكثير من البلدات والقرى وتجمعوا في بقعة جغرافية عُرفت بالمنطقة الشرقية...أيضاً، أدت الحرب الى استشهاد عشرات الآلاف من المسيحيين، وهجرة اكثر من مليون مسيحي الى كندا وفرنسا واستراليا والولايات المتحدة وكندا وغيرها من دول العالم...مما أدى إلى تغيير ديمغرافي في السكان، فصار عدد المسيحيين يقل تدريجياً وما زال حتى اليوم، وبحسب احصاءات غير رسمية، يشكل المسيحيون اليوم 35% بالمئة من سكان لبنان الأصليين، ولم تعد نفس السلطة في الحكم كما في السابق، ولكن ما زال لهم دور بارز وفاعل في إدارة شؤون الوطن في مجالاته كافة بالتعاون مع شركائهم في الوطن من المسلمين والدروز...مثلاً، للمسيحيين نصف العدد الذي يتشكل منه مجلس النواب والحكومة، بالاضافة الى بقاء رئاسة الجمهورية في يدهم...
الحرية الدينية
يكفل الدستور اللبناني لكل الطوائف الدينية في لبنان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية بحرية...ففي لبنان يتمتع المسيحيون بهامش كبير من الحرية الدينية، وهذا ما يميزهم عن سائر المسيحيين في العالم العربي...للمسيحيين الحرية في بناء الكنائس ودور العبادة في ظل القوانين المرعية...وأيضاً أسسوا المدارس والجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية او ذات الطابع الخدماتي كالمستشفيات والجمعيات الخيرية ودور الايتام ومراكز التأهيل الاجتماعي...أيضاً للمسيحيين محطات تلفزة ارضية وفضائية ومحطتي اذاعة تبث البرامج الروحية والاجتماعية...