مع أنّ توماس جيفرسون كان من أعظم الآباء المؤسّسين للولايات المتّحدة، ويعتبر الكاتب الرّئيسي
لإعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776، ومع أنّه كان الرّئيس الثّالث للولايات المتّحدة، إلّا أنّ كلّ هذه الأمور لم تجسّد أسعد لحظات حياته لأنّه قال: "اللّحظات الأسعد في حياتي هي تلك القليلة التي أقضيها في المنزل في أحضان عائلتي".
ربّما نحلم جميعاً بأن نحيا في أسرة سعيدة، إلّا أنّ هذا في الكثير من الأحيان قد يكون حلماً بعيد المنال لأنّ العلاقات الاجتماعيّة والأسريّة معقّدة ولا تعتمد على طرف واحد.
لكنّي اليوم أودّ أن أشجّعك أيّاً كان موقعك في العائلة على مفتاح السّعادة الأسريّة: ابدأ بنفسك وأَسعِد من حولك. لا تنحصر في ذاتك التي سترغب دوماً في أن تكون في بؤرة التّركيز. اسأل نفسك: ماذا يمكنني أن أفعل اليوم لأُسعِد من حولي.
سأقترح عليك أن تبدأ بنفسك في نشر جو البهجة والسعادة في أسرتك بالمقترحات العمليّة التّالية:
- التّعبير الصّادق والمتكرّر عن الحبّ بطُرُق مختلفة كالكلمات، واللّمسات، والابتسامة، أو بهديّة، أو بمساعدة. أمّا التّعبير عن الحبّ للأطفال فواحد من أروع صوره هو قضاء الوقت معهم بلا انشغال بالتّليفزيون أو المحمول أو بمشتّتات أخرى.
- أمر آخر يجعل الأسرة سعيدة هو سرعة الغفران للغير وسرعة الاعتذار لهم، فجميعنا نرتكب أخطاءً كبيرة أو صغيرة وعدم الغفران يؤذي الطّرفين، فمن ارتكب الخطأ حين لا يعتذر يجرح الغير، ومن تمّت الإساءة إليه حين لا يغفر يضع حملاً على من يلتمس الصّفح.
- لحياة سعيدة على لسانك أن يكون طيّباً، حقّاً إنّ الموت والحياة في يد اللّسان. نحتاج لأن ندرّب ألسنتنا على التّشجيع، والحبّ، والتّودّد، والأسئلة الطّيّبة، والكلمات الحانية، بدلاً من النّقد اللّاذع أو التّهكّم والسّخرية والتّأنيب.
يقول الكتاب المقدّس في سفر الأمثال ١٢: ١٨ "أمّا لسان الحكماء فشفاء" فهل لسانك شفاء؟ أم أنّه ممتلىء بالمرارة والنقد والتّجريح والعنف والنّبرة العالية؟ هل لسانك يعصب المجروح ويلمس بمحبّة حانية، أم أنّه لاذع الانتقاد والتّأنيب؟ لكي يكون البيت سعيداً لا بدّ أن نطلب من الله أن يشفي ألسنتنا!.
- السّعادة في الحياة تأتي أيضاً من العفوية وبساطة القلب. السّعادة تكمن في أن نكون على سجيّتنا بانطلاق وفرح وبساطة بلا تكلّف ولا تعقيد. هذا لا يعني الإساءة للغير ولكن يعني أن ننطلق دون تكلّف وأن نسمح للآخرين من حولنا أن ينطلقوا ويحيوا بحريّة على سجيّتهم.
- أخيراً العائلات السّعيدة تصنع لنفسها ذكريات لكلّ مناسبة وتجد الأوقات لتفرح معاً. اجتهدوا للتّوقّف في وسط وتيرة الحياة السّريعة للاحتفال بانتصارات بعضكم البعض، أو بنجاح ما لعضو من أعضاء العائلة في أيّ شيء في العمل أو في الدّراسة ... اقتنصوا لحظات الفرح والانتصار والاحتفال واصنعوا منها ذكرى جميلة أو صورة جميلة.