تكمن قيمة الصّليب في هويّة المصلوب عليه، وأعني بذلك "المسيح" الفادي والمخلِّص. الصّليب لا يستمدّ قوّته وهيبته من شكله، إنّما رِفعته وقداسته تتجلّى في هويّة المصلوب عليه وهو يسوع المسيح.
لقد استحوذت شخصيّة من ارتفع على الصّليب على اهتمام الكثيرين من الكُتّاب والباحثين والنُّقاد من أعداء أو رافضي الصّليب، وناكري هويّة المصلوب الحقيقيّة، فاعتبروا أنّ المصلوب ليس المسيح بل شبيه له لأنّ الله أنقذ المسيح من موت الصّليب برفعه إلى السّماء. غير أنّ الحقيقة مُعلَنة في الإنجيل المقدّس ولا يمكن إنكارها ولا استبدالها ولا تشبيهها. وإنّي أدعوك صديقي لبحث منطقي عن فكرة الشّبيه هذه بقصد تبيان عدم صحّتها، وأدعوك لكي تعرف الحقّ من الإنجيل المقدّس.
أسئلة هامّة عن المشَبَّه بالمسيح
قبل أن نقدّم الأدلّة من الكتاب المقدّس على أنّ المصلوب هو المسيح وليس آخَر، من المهمّ أن نطرح جُملة أسئلة:
*ما الحكمة من إلقاء شبه المسيح (شكله) على آخَر؟ فالحجّة التي يقدّمها أصحاب فكرة الشّبه تقول، إنّ الله أراد الانتقام من يهوذا الإسخريوطي بعد أن خان المسيح وسلّمه لليهود. إنّ هذا التّبرير فيه اتّهام لله بأنّه خدّاع، إذ أوهم النّاس أنّ المصلوب هو المسيح بينما هو شخص آخَر (حاشا لله أن يخدع أحداً)، وفيه اتّهام لله بأنّه خاف من اليهود فرفع المسيح سرّاً دون أن يراه أحد. على هذا الأساس لا نجد أيّة حكمة في فكرة إلقاء الشّبه، بل هي عمل مكر وخداع وخوف وظلم.
*لماذا لم يدافع المُشبَّه بالمسيح عن نفسه أمام صالبيه؟
*هل الشّبيه نادى على الصّليب إلهي إلهي لما شبقتني؟
*هل الشّبيه قال على الصّليب: اغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون؟
*هل قام الشّبيه من الموت وأرى نفسه للرُّسُل وطلب من توما أن يضع يده على آثار جراحه؟
*هل الشّبيه ارتفع إلى السّماء على مرأى من الرُّسُل بعد قيامته من الموت؟
*متى كانت لحظة إلقاء الشّبَه؟
*لماذا لم تُعلَن هويّة الشّبيه؟
*لماذا بقيَ سرّ إلقاء الشّبَه مكتوماً لمئات السّنين؟
هذه بعض من أسئلة كثيرة تطرح نفسها على فكرة الشّبَه تؤكّد أنّها فكرة غير صحيحة وغير مقبولة، لا في الشّكل ولا في المضمون. وقد اخترت قولاً للرّازي في كتاب "مفاتيح الغيب" (المجلّد السّادس) جاء فيه: "فمهما كان ففي إلقاء شبهه على الغير إشكالات. الإشكال الأوّل، أنّه لو جاز أن يُقال إنّ الله تعالى يُلقي شبه إنسان على إنسان آخَر، فهذا يفتح باب السّفسطة. وأيضاً يُفضي إلى القدح في التّواتر ...".
وبما أنّ المعترضين على صلب المسيح لا يصدّقون إلّا ما قاله المسيح نفسه عن موته وفدائه، فقد سبق للرّبّ يسوع أن أنبأ وتحدّث عن موته مرّات عدّة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
* إنجيل متّى 16: 21
، إنجيل متّى 17: 22 و23
، إنجيل متّى 26: 47 - 56
، إنجيل متّى 20: 28
، إنجيل يوحنّا 10: 11 و17
.
خلاص الإنسان بصليب المسيح
إنّ موت المسيح على الصّليب هو تنفيذ خطّة الله الأزليّة لفداء العالم. إنّه الحلّ الإلهي لمشكلة الخطيّة. وهذه الخطيّة تشمل الجميع. فمن منّا لا يخطئ ويعصى الله في الصّغائر والكبائر. وبما أنّ الله قدّوس وعادل، فلا بدّ له من أن يعاقب الخطيّة. فيكون الموت نصيبنا وجزاءنا. ولكنّ الله سبحانه هو إله كلّ رحمة ومحبّة فيذكر لنا الوحي الإلهي في رسالة رومية 5: 8 .
صديقي هذه الآيات المجيدة تبيّن لنا أنّ الله أحبّ الإنسان، أحبّك أنت، ومحبّته عجيبة غنيّة بالرّحمة. هذه المحبّة التي تجسّدت في المسيح وعبّرَ عنها بالفداء الذي أكمله على الصّليب، ظهرت حتّى تعرف أنّ الله ليس قدّوساً وعادلاً فحسب بل هو أيضاً محبّة. فهل تؤمن بمن أحبّك ومات من أجل فدائك من الخطيّة؟
إقرأ كتاب: لزوم كفّارة المسيح.
استمع إلى تفسير كلمات معظمها وردت في الكتاب المقدّس.
نشجّعك على التّواصل معنا (اضغط هنا)