مؤكّد بأنَّك شعرت مثلي بالفشل، وبأنَّ الحياة توقّفت أمامك وكلّ الأبواب أُغلِقت في وجهك، فجلستَ حزيناً تلوم
ظروفك وحظّك العاثر، ظنّاً منك بأنّ الفشل سببه أمر خارج عن إمكانيّاتك وقدراتك، وأخذت تبحث عن مُسبِّبات الفشل خارج نفسك لتُلقي بالتُّهمة بعيداً عنك. ولكن صديقي القارئ، ليس فشلنا وفشل الآخرين بسبب الظُّروف والأقدار المحيطة بنا وطبعاً ليس بسبب الله.
اليوم أُشجّعك أن تقف قليلاً وتتأمّل، وتقبل فكرة أنَّ خبرة الفشل هي واحدة من الخبرات الأساسيّة في حياة الإنسان. فالإنسان في كلّ مرحلة اكتشاف جديدة في حياته يمرّ بخبرات فشل كثيرة، والتي لولاها لمَا عرف ما هو الصّحيح والأفضل بالنّسبة إليه، فيقرِّر العودة والمحاولة من جديد.
إذن، هل معنى هذا أنَّ هناك شخص فاشل من تلقاء ذاته؟ أو هل الفشل أمر محتَّم على البعض ولا مفرّ لهم منه؟ بالتّأكيد لا، فالله خلقنا وأعطانا عقلاً قادراً على التّفكير والتّأقلُم مع الحياة التي نحياها. الله وضع لكلٍّ منّا هدفاً وخطّة لحياته، خطّة مميَّزة وعظيمة، لكن يحتاج الأمر منّا إلى إدراك وفهم خطّة الله، وفهمنا لأنفسنا ولِما وضعه الله فينا من إمكانيّات. إذن، الأمر لا ينتهي بالفشل، لأنّه في الواقع بداية جيّدة لمرحلة جديدة. الفشل لا يعبِّر عن ضعف وعجز منّا، لكنَّه يشير فقط إلى وجود خطأ ما في الخطّة التي اتّبعناها، وكلّ ما في الأمر هو أنّنا نحتاج إلى بعض التّعديل أو التّصحيح للخطّة، وأحياناً إلى إلغائها والبدء من جديد.
لكن، لا بدَّ من وجود الفشل، فهو ضروري لنا لنعرف ما الذي علينا فعله ونقيِّم ما سبق وفعلناه ونفكّر في بدء أمرٍ جديدٍ. لذلك، علينا ألّا نقف عند حدود الفشل، بل نتابع ونستمرّ باتّجاه الأمام كي تُنجز الأفضل.
فيما يلي سأقدِّم لك بعض الإرشادات التي يمكن أن تساعدك على الاستمرار نحو الأمام لتجاوز فشلك:
إعرف إمكانيّاتك ومؤهِّلاتك، ولا تعمل عكسها أو بما لا يتّفق معها، لماذا؟ لأنّنا كثيراً ما نفشل بسبب قيامنا بأعمال لا تُناسب إمكانيّاتنا، فنُصدَم ونتساءل عن سبب الفشل مع أنَّ سببه واضح. في الواقع نحن نستهلك طاقتنا في المكان غير المناسب. حدّد أولويّاتك، لأنك ستُدهَش حين تكتشف أنَّ لديك الكثير من المواهب والإمكانيّات التي لن تتمكّن من استخدامها جميعها، وإلّا فستتعرّض مجدَّداً للفشل بسبب تداخُل الأمور وتزاحمها، ولهذا عليك أن تحدِّد أولويّاتك وتختار المشاريع التي يمكنك إنجازها بشكل أفضل، وأن تقول لا، لِما تراه ثانويّاً.
إختَر الوقت المناسب، أي ضعْ جدولاً يساعدك على إنجاز ما تريده. ضع خطّة مراجعة في فترة زمنيّة محدَّدة ومدروسة، كي تتمكّن من تقييم ما أتممتَ إنجازه وتقرِّر ما إن كان جيّداً أم لا. أحياناً لا بدّ من أن تتوقّع فشل بعض مشاريعك، وهنا لا تخَف أو تخجل من الاعتراف بفشلك كحدث طبيعي يجب أن يختبره كلّ إنسان، لذلك لتكن لديك الشّجاعة الكافية للاعتراف بفشل النّشاط الذي قمتَ به ووجدت بأنَّه غير مُنتِج، وقبول التّخلّي عنه كي تبدأ من جديد بما هو أفضل. لا تسمح للخبرات السّلبيّة بإعاقتك، بل على العكس، اعتبر كلّ خبرة سلبيّة - رغم قساوتها وصعوبتها - خطوة نحو الأمام.
إصعد على سلّم الخبرات الفاشلة والسّلبيّة، نحو عالم النّجاح. أُطرد خوفك وقلقك ونظّف منهما ذهنك، فالخوف والقلق يَلِدان التّردُّد، وهما أوّل مسُبِّبات الفشل. إذن لا تسمح لخوفك من الفشل أن يفشّلك ويعطّلك. شارك أصدقاءك وأحبّاءك بأفكارك وخططك. هل تعرف لمَ؟ لأنَّ هذا سيساعدك على رؤية أمور قد تكون خفيّة وغير واضحة بالنّسبة لك. قد تحتاج منك هذه الخطوة إلى تواضع ومواجهة مع الذّات، لأنَّ مشاركة الآخرين بخططنا قد تكشف لنا في بعض الأحيان نقاطاً سلبيّة كنّا متمسّكين بها ولم نُرِد التّخلّي عنها. في النّهاية إِرفع عينيك نحو السّماء واتّكل على نعمة الله. أُطلب منه قيادة حياتك وحماية خطواتك. ضع نفسك بصدق بين ذراعَي الله، ودعه يتعامل مع أفكارك ويكمّل شخصيّتك ويثبّت خطواتك.
سأترك معك هذه الآية من كلمة الله في الكتاب المقدّس، في سفر {نحميا 2: 20|20فَأَجَبْتُهُمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: «إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ لَكُمْ نَصِيبٌ وَلاَ حَقٌّ وَلاَ ذِكْرٌ فِي أُورُشَلِيمَ»}. صديقي، لا تصدّق الكذبة التي تقول عنك إنَّك فاشل، واقبل فكرة أنَّه من الممكن أن تواجه الفشل في بعض الأحيان، وعلى هذا رحِّب به كخطوة للصّعود إلى الأعلى، وللمضيّ قُدُماً نحو الأمام.
++++
إذا كنت عزيزي مازلت تشعر بالفشل فهلُمّ معي لقراءة المواضيع التّالية:
- الإحساس بالخوف والفشل.
- مرعوب من الفشل.
- الفشل (من برنامج "قيمتي كامرأة").