"لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ!" هذا الخبر بقيامة السيد المسيح من الأموات، أثار جدلًا واسعًا في زمانه، وما زال حتى اليوم موضوعًا شائكًا، ومثيرًا للجدل.
يكمن السبب في وجود هذا الجدل في ما يقول هذا الحدث عن هُوية المسيح. فإن كان السيد المسيح قد قام حقًا من الأموات بعد أن مات على الصليب، فهذا يعني أن كل ما ادّعاه عن نفسه كان صحيحًا، وأنه بالفعل الله! ومن الناحية الأخرى، إن لم يقم المسيح من الموت، فلا وجود للمسيحية!
فهو مجرد رجل يهودي ادّعى ادّعاءات كاذبة عن نفسه، وانتهت ادّعاءاته بموته مصلوبًا، فلا داعي أن يذكره التاريخ البشري.
الآن يمكنك أن تفهم لماذا يتمسك المسيحيون بقيامة السيد المسيح؛ فهذا الحدث المركزي يُشكِّل حجر الزاوية للإيمان المسيحي.
فهو مجرد رجل يهودي ادّعى ادّعاءات كاذبة عن نفسه، وانتهت ادّعاءاته بموته مصلوبًا، فلا داعي أن يذكره التاريخ البشري.
الآن يمكنك أن تفهم لماذا يتمسك المسيحيون بقيامة السيد المسيح؛ فهذا الحدث المركزي يُشكِّل حجر الزاوية للإيمان المسيحي.
لكن يبقى السؤال الذي يشغل الباحثين والمؤرخين، والذي قد يشغلك أنت أيضًا أيها القارئ: هل القيامة حدث تاريخي أم مجرد ادّعاء مسيحي؟
والإجابة على هذا السؤال تتطلب منك أن تجيب أولًا على أسئلة أخرى مثل: أين ذهب جسد المسيح؟ كيف تحول التلاميذ الأوائل من جبناء إلى رسلٍ فتنت المسكونة؟ ولماذا يموتون في سبيل كذبة قد ادّعوها؟
عند التحقيق في تاريخية قيامة السيد المسيح، يتفق كل من الباحث المسيحي وغير المسيحي على بعض الحقائق. تتركز تلك الحقائق في ثلاث قضايا رئيسية وهي:
- قبر المسيح الفارغ الذي تم اكتشافه من قبل مجموعة من النساء في صباح يوم الأحد بعد صلبه.
- وجود مجموعة كبيرة من الأفراد والجماعات تدّعي أنها رأت المسيح المقام من الأموات.
- تحول في إيمان التلاميذ التابعين للسيد المسيح، والمناداة بقيامته من الأموات.
يكمن الاختلاف بينهم في تفسير تلك الحقائق، وهنا يحدث الجدل. فكل محقق يأتي بافتراضاته المسبقة، ويفسر الدليل وفقًا لتلك الافتراضات.- تحول في إيمان التلاميذ التابعين للسيد المسيح، والمناداة بقيامته من الأموات.
فما هي التفسيرات المختلفة لتلك الحقائق؟ وما هو أفضل تفسير لتلك الحقائق؟
- التفسير الأول: القيامة موضع شك والجسد سُرق
هذه من أقدم التفسيرات التي قُدمت كبديل للقيامة، حيث اتفقت السلطات اليهودية أن تُذيع أن تلاميذ السيد المسيح جاءوا ليلًا وسرقوا جسده من القبر إنجيل متى ٢٨: ١١-١٥
، وادّعوا بعد ذلك أنه ظهر لهم. مما يعني ضمنيًا أن السلطات اليهودية أقرت بحقيقة القبر الفارغ، وحاولوا إعطاء تفسيرات غريبة لتلك الحقيقة. وإقرارهم بذلك يُعد دليلاً إيجابيًا صادرًا عن جهة معادية، ما يجعله من أقوى الأدلة التاريخية. فحين يعترف مصدرٌ بحقيقة لا تخدم مصلحته، يُعدّ ذلك الاعتراف مؤشرًا قويًا على صدق ما قيل.
يمكنك التأكد من مدى ضعف تفسير سرقة الجسد عن طريق طرح بعض الأسئلة التي تساعدنا في التقييم.
أولًا، كيف لتلاميذ مرتعبين - تركوا المسيح أثناء صلبه - أن يتغلبوا على فرقة كاملة من الحرس الروماني؟ وبالأخص بعد اجتماع رؤساء الكهنة مع بيلاطس وطلبهم بضبط القبر بالحراس، وختم الحجر إنجيل متى ٢٧: ٦٤، ٦٥ ، فهذا قد يشكل رعبًا أكبر للتلاميذ.
أولًا، كيف لتلاميذ مرتعبين - تركوا المسيح أثناء صلبه - أن يتغلبوا على فرقة كاملة من الحرس الروماني؟ وبالأخص بعد اجتماع رؤساء الكهنة مع بيلاطس وطلبهم بضبط القبر بالحراس، وختم الحجر إنجيل متى ٢٧: ٦٤، ٦٥ ، فهذا قد يشكل رعبًا أكبر للتلاميذ.
ثانيًا، كيف لفرقة كاملة من الحرس الروماني أن يغلبهم النعاس أثناء أداء خدمتهم العسكرية كما ادّعى رئيس الكهنة؟
ثالثًا، إن كان التلاميذ قد سرقوا بالفعل جسد السيد المسيح، واختلقوا قصة القيامة، فلماذا، في روايتهم للقصة، يقولون إن النساء هنّ من اكتشفن القبر فارغًا؟ فكيف لرجل يهودي أن يختلق قصة يكون أول شهودها نساء، مع أن شهادة النساء لم تكن تُعد موثوقة في العالم القديم؟
ثالثًا، إن كان التلاميذ قد سرقوا بالفعل جسد السيد المسيح، واختلقوا قصة القيامة، فلماذا، في روايتهم للقصة، يقولون إن النساء هنّ من اكتشفن القبر فارغًا؟ فكيف لرجل يهودي أن يختلق قصة يكون أول شهودها نساء، مع أن شهادة النساء لم تكن تُعد موثوقة في العالم القديم؟
رابعًا، يجب أن تسأل، هل كان تلاميذ السيد المسيح يتوقعون قيامته؟ وستجد أن الإجابة لا! فالمريمات كانوا يقلن فيما بينهن من يدحرج لنا الحجر وهن ذاهبات ليدهنوا جسد المسيح الميت بالحنوط إنجيل مرقس ١٦: ٣
، ولما سمعوا الخبر أخذتاهن الرعدة والحيرة إنجيل مرقس ١٦: ٨
. ولما سمعوا باقي التلاميذ لم يصدقوا إنجيل مرقس ١٦: ١٣
. وبطرس كان متعجبًا، وتوما لم يصدق حتى لمس السيد المسيح، وتلميذي عمواس كانوا عابسين لأن المسيح قد مات ولم يعرفوا أن هو كان يكلمهم إلا بعد حين إنجيل لوقا ٢٤: ١٦، ١٧
. إذن الآن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يختلق التلاميذ قصة لم يتوقعوها على الإطلاق؟!
أخيرًا، إذا كانت قيامة السيد المسيح هي مجرد قصة اختلقها التلاميذ بعد سرقة جسده، فلماذا يموتون في سبيل كذبة؟ يقول أحد الكُتاب في هذا الصدد: "لو لم يكن المسيح قد قام، وكان التلاميذ قد ابتدعوا ببساطة هذه القصة، إذا من المفترض أن نكون قادرين على إيجاد دافع لهذا الخداع. ما الذي أرادوا الوصول إليه بإذاعتهم لهذه الكذبة؟ يخبرنا التاريخ بالفعل أن الرسل والغالبية العظمى من التلاميذ الأوائل ماتوا فقراء، ومشوهي السمعة، ومضطهدين، ومبغضين. يعد التفسير الوحيد لهذه الجسارة والثبات أمام مثل هذه الآلام، وأمام الموت، أن القيامة حقيقة تاريخية، وأن الرسل كانوا مجرد ناقلين لما قد شاهدوه عيانًا بالفعل، كما كتب الرسول يوحنا: "الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به""
في الواقع، بعد فحص الأدلة التي لدينا، ستجد أن تفسير سرقة جسد المسيح من قبل التلاميذ، تفسيرًا ضعيف، يحتاج إيمانًا أكبر من الذي يحتاجه الإيمان بالقيامة.
- التفسير الثاني: القيامة موضع شك ولم يكن المسيح ميتًا بل فاقدًا للوعي
ننتقل الآن لتفسير آخر شائع يلجأ إليه النقاد عند تفسيرهم للقبر الفارغ. هذا التفسير يقول: أن السيد المسيح عندما أنُزل عن الصليب، لم يكن ميتًا بل فاقدًا للوعي، وعاد إلى وعيه في القبر وتمكن من الهروب. وبهذه الطريقة اعتقد تلاميذه أنه قام من الموت.
دعونا نسأل أيضًا بعض الأسئلة التي قد تساعدنا في نقد هذا التفسير. كيف لرجل تم تعذيبه وصلبه لساعات طويلة أن يقوم بتحريك الحجر الضخم بمفرده؟! كيف له أن يتخطى الحراس وهو متعب؟ كيف تفسر ظهوراته للتلاميذ التي جعلتهم يصدقوا أنه رب المجد القائم من الأموات، إذ كان شكله يبدو عليه التعب ويحتاج لرعاية طبية ماسة؟ لن نجد إجابات منطقية أو علمية لهذه الأسئلة للتصديق في تفسير الإغماء.
لدينا أيضًا أدلة من كُتاب علمانيين تؤكد موت السيد المسيح. فالمؤرخ الروماني القديم تاسيتوس سجل حوالي سنة ١١٥م موت المسيح جسديًا عندما كتب عن المسيحيين أن "مؤسسهم، المسيح، أُعدم في عهد طيباريوس قيصر على يد بيلاطس البنطي والي اليهودية."
يتبين لنا بعد فحص الأدلة أن تفسير الإغماء غير قابل للتصديق. فهو تفسير يتنافى مع علم الأحياء والطب الحديث عند تشخيص أمراض شخص تعرض للتعذيب والصلب.
- التفسير الثالث: القيامة موضع شك وظهورات المسيح للتلاميذ كانت مجرد هلوسات من جانبهم
من ضمن التفسيرات التي ظهرت كمحاولة لنفي حقيقة القيامة، هو القول إن التلاميذ والمجموعات التي قالت إنها رأت المسيح المقام، كانوا في الحقيقة ضحية هلوسات جماعية نتيجة حزنهم الشديد عليه، أو لأنهم كانوا يتوقون لرؤيته حيًّا، فاختلق عقلهم صورة تخيلية لظهوره.
هنا سنحتاج أن نسأل بعض الأسئلة أيضًا: كيف نفسر قضية القبر الفارغ وفقًا لهذه الفرضية، فأين ذهب جسد المسيح؟ لو كانت القيامة مجرد هلوسة، لكان يمكن دحضها بسهولة بإظهار جسده. لكن السلطات اليهودية والرومانية لم تتمكن من تقديم الجسد.
أين السند العلمي أو المنطقي في إصابة عدد كبير من الأشخاص في أماكن وأوقات متفرقة بالهلاوس في نفس الوقت؟! فهذا غير ممكن! فمن المعروف علميًا أن الهلوسة تجربة فردية، لا يمكن أن يتشاركها مجموعة من الأشخاص، ولا تحدث على نطاق جماعي، بل تختلف من شخص لآخر. فإذا قال شهود متعدّدون إنهم رأوا الشخص نفسه، وتحدثوا معه، ولمسوه، بل أكل معهم، فهذا يتجاوز حدود أي هلوسة.
كيف يمكن أيضًا أن نفسر التحول الذي قد حدث في إيمان التلاميذ؟ فمن الصعب أن نقول إن إيمانهم واستشهاد الكثير منهم مبني على مجرد هلوسة!
إذا قمنا بمقارنة هذا التفسير مع تفسير القيامة، سنجد تفسير القيامة هو الأوقع، وبالأخص مع وجود هذا العدد الهائل من شهود العيان الذين ظهر السيد المسيح لهم. فهو لم يظهر فقط لأفراد وجماعات صغيرة، بل ظهر أيضًا لخمس مئة شخص مرة واحدة، وكان معظم هؤلاء ما يزالون أحياء عندما كتب الرسول بولس، بحيث يمكن الرجوع إليهم، وسؤالهم للتأكد من الحدث. الرسالة الأولى لأهل كورنثوس ١٥: ٣-٦
.
القيامة تُفسر التحولات المدهشة في حياة التلاميذ وشهود العيان
لم تقدر أي من التفاسير الثلاث التي فحصناها أن تقدم شرحًا منطقيًا للتحول في إيمان التلاميذ وشهود العيان. فلو لم تكن القيامة حقيقة تاريخية، سيظل التحول المعجزي الذي حدث للتلاميذ مبهمًا وغير قابل للتفسير. فكيف نفسر تحول خائن مثل بطرس لمُجاهر يقف أمام مجمع السنهدريم مدافعًا عن إيمانه بالمسيح المقام من الأموات؟ (أعمال الرسل ٢
). وكيف نُبرر إيمان توما الذي كان متشككًا في قيامة السيد المسيح؟ إنجيل يوحنا ٢٠: ٢٩ وكيف نفسر فرح الرسل بعد جلدهم وتهديدهم من أجل مجاهرتهم بالمسيح المقام؟ أعمال الرسل ٥: ٤١ . كيف نفسر تحول مضطهد الكنيسة شاول الطرسوسي إلى بولس الرسول، حتى إن بعض من اليهود كانوا في ذهول أن الذي كان يهلك من يدعو باسم المسيح، الآن ينادي به؟! أعمال الرسل ٩: ٢١ .
). وكيف نُبرر إيمان توما الذي كان متشككًا في قيامة السيد المسيح؟ إنجيل يوحنا ٢٠: ٢٩ وكيف نفسر فرح الرسل بعد جلدهم وتهديدهم من أجل مجاهرتهم بالمسيح المقام؟ أعمال الرسل ٥: ٤١ . كيف نفسر تحول مضطهد الكنيسة شاول الطرسوسي إلى بولس الرسول، حتى إن بعض من اليهود كانوا في ذهول أن الذي كان يهلك من يدعو باسم المسيح، الآن ينادي به؟! أعمال الرسل ٩: ٢١ .
يعوزنا الوقت لذكر المزيد من الرسل وشهود العيان الذين تحولت حياتهم بالكامل بعد قيامة السيد المسيح من الموت، فلن تجد بديلًا أفضل من القيامة لتفسير التحول في إيمانهم.
بعد فحص الأدلة، والبحث في الفرضيات البديلة للقيامة، ستجد أن من الصعب أن تكون القيامة ادّعاءً مسيحيًا بل هي حدثًا تاريخيًا! وهي التفسير الأفضل للحقائق الثلاث التي بدأنا بها المقال، وهم القبر الفارغ، وظهورات السيد المسيح التي شهدوا عنها التلاميذ، والتحول الجذري في إيمان وحياة التلاميذ. فلم تقدر فرضية السرقة أو الهلوسة أو الإغماء على تقديم براهين كافية نفسر بها الحقائق الثلاث.
من ناحية المؤرخين، فإنهم ينظرون لأي حدث تاريخي من زاوية ما يسمى بـ"أفضل تفسير للحقائق". وعندما ننظر للقيامة من هذه الزاوية، نجد أن التفسير الوحيد الذي يجمع كل الأدلة دون أن يتجاهل شيئًا منها هو: أن السيد المسيح قد قام من الموت حقًا!
هذا يجعلني أتفق مع كاتب يُدعى تيموثي كلر حين قال: " قيامة السيد المسيح حقيقة تاريخية تحظى بشهادات أوفر وأوفى مما تحظى به أغلب أحداث التاريخ القديم الأخرى التي نقبلها بشكل بديهي."
إذن، القيامة ليست ادّعاءً مسيحيًا بل هي خبر سار لهم، ولأي إنسان يؤمن بالسيد المسيح!
فقصة الإنجيل المقدس تخبرنا أننا جميعًا أعداء الله بسبب الخطية، وما نستحقه هو العقاب الأبدي، والأجرة المستحقة للخطية هي الموت.
كنا في أشد الاحتياج لطريقة تبررنا أمام الله. وهنا يأتي الخبر السار!
ففي وقتٍ ما من الزمن، حل المسيح بيننا؛ ليقف بديلًا عن كل من يؤمن به أمام الله، وحدثت تلك المبادلة العظيمة، فالمسيح حمل خطايانا ومات بسببها وأخذنا نحن بره! وبقيامته تبرهن أن هو الله الظاهر في الجسد وأن العمل الذي عمله لأجلنا قد تم قبوله! ونحن الآن مبرَّرون أمام الله! وبقيامة السيد المسيح، بدأ العالم الجديد الذي أعده الله.
هذا هو الخبر السار الذي لا يمكن لأي إنسان أن يختلقه. فهذه قصة من صنع الله، وتفاصيلها لا تخطر على بال إنسان! وهذا أكبر دليل على أن قيامة السيد المسيح لا يمكن أن تكون ادّعاء ادّعاه المسيحيون، بل حدثًا تاريخيًا.
إذا أردت أن تختبر هذه القيامة في قلبك، فافتح للسيد المسيح بابك اليوم الذي يقول لك: أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي، وإن مات فسيحيا إنجيل يوحنا ١١: ٢٥
. دعه يغيرك، ويحررك من الخطية، وكن شاهدًا حيًا على قوته، وحبه الذي لا ينتهي!
إذا أردت أن تعرف المزيد عن السيد المسيح وعمله لأجلك، تواصل معنا (من هنا)
مواضيع ذات صلة: