المعونة الرّابعة ـ كُنْ صاحب رؤيا
أعمال 18: 9 "فقال الرّبّ لبولس برؤيا في الليل لا تخف بل تكلّم ولا تسكت" |
|
مسافر بلا رؤيا مصيره الهلاك في النّهاية. والتّحدّي الذي يواجهه طوال رحلة الإيمان هو خلق رؤى جديدة لا الحفاظ على رؤى قديمة. لكن هذه الكلمة "رؤيا" هي أكثر كلمة استُخدِمَت وأُسِيءَ استخدامها في المسيحيّة. لا تأتِ الرّؤيا فقط مع الأفكار الجديدة أو الطّموحات الضّخمة كما يودّ متكلّمون كثيرون أن نعتقد. يقدّم "جوليان بورك" تعريفاً لكلمة رؤيا على الموقع الإلكتروني لـ"دريم مانيسفتو" فيقول: "الرّؤيا هي صورة أو فكرة في ذهنك عن نفسك أو شغلك أو عن أي شيء سيحدث. الرّؤيا الواضحة تساعدك على تحقيق أحلامك وتنفيذ أهدافك، هي فكرة عن المستقبل أو رغبة قويّة. الرّؤيا الواضحة تفتح عقلك على إمكانيّات المستقبل التي لا حدود لها". ومع ذلك فهذا ليس تعريف كلمة الله لكلمة "رؤيا". حيث تشير كلمة "رؤيا" في الكتاب المقدّس إلى "إعلان تعويضي من الله" وبالتّالي يمكن وصفه على أنّه فكر من الله لا فكر خارج الإطار الإلهي. الرّؤيا إذاً ليست الفكر التّراكمي للقادة المفكّرين بل هي أوقات الشّركة الحميميّة مع الله التي تكشف عن قلبه وأفكاره. لنكُن أُمَناء، عندما يتكلّم النّاس في أغلب الأحيان عن الرّؤى التي يرونها، قد يتضمّن هذا طريقاً إلى "أمور أعظم" بشكل أو بآخر. إنّنا نقدّر حجم الرّؤيا بحجم العواقب التي تنتج عنها. إيجاد الرّؤيا ـ وِفقاً للكتاب المقدّس ـ يركّز دائماً على اسم الله حتّى يتمجّد، وملكوت الله حتّى يأتي، ومشيئة الله حتّى تتمّ. تحيط الرّؤيا نفسها بمجد الله، لا شيء أكثر ولا شيء أقل. ردّ فعل المسافر نحو الرّؤيا الإلهيّة ضروري للغاية. سيحتوي ردّ فعلك الفوري أمام أي رؤيا إلهيّة على ثلاثة جوانب: الرّهبة والطّاعة والجرأة. رأى "بلعام" في عدد 24: 4 رؤيا القدير مطروحاً وهو مكشوف العينين. في رؤيا 1: 17 عندما رأى "يوحنّا" الرّؤيا سقط كميت. أعلن "كرنيليوس" في أعمال 10: 3 أنّه رأى ظاهراً في رؤيا ملاكاً من الله ونظر إليه في خوف. كان "بطرس" يرتاب في نفسه ماذا عسى أن تكون الرّؤيا التي رآها في أعمال 10: 17. سقوط على الأرض وحيرة ورعب!. في واقع الأمر لو رؤيتك لم تسبّب لك خوفاً فهي على الأرجح ليست من الله. لا بدّ أن تأخذك الرّؤيا بعيداً عن مكان راحتك وتستلزم منك الطّاعة الفوريّة. تذكّر أنّ الطّاعة المُؤجّلة عصيان والعصيان تمرّد. في أعمال 9: 10 تكلّم الرّبّ إلى "حنانيّا" في رؤيا وكان ردّ فعله الفوري: "هأنذا يا ربّ". وعندما رأى "بولس" رؤيا في أعمال 16: 9 ذهب فوراً إلى مكدونية. لا يمكننا توقّع الحصول على رؤيا إلاّ إذا كنّا مستعدّين للطّاعة الفوريّة. لكن الرّؤيا لن تملأ المسافر بالخوف فقط بل بالجرأة أيضاً. أكّد الرّبّ لـ"بولس" في أعمال 18: 9 بألاّ يخاف بل يتكلّم ولا يسكت. على المسافر أن يأخذ المبادرة طوال رحلة الإيمان وألاّ يخاف من ارتكاب الأخطاء. وأخيراً من الضّروري مراعاة عواقب أي رؤيا إلهيّة. إنّها لخسارة كبيرة إذا لم يكن لديك أي رؤيا، وبركة عظيمة إذا أخذت هذا الأمر على محمل الجدّ. يحذّرنا أمثال 29: 18 بأن "بلا رؤية يجمح الشّعب" لكن تكوين 15: 1 يَعِدُنا "لا تخف يا أبرام. أنا ترس لك. أجرك كثير جدّاً". لا بدّ أنْ يضع المسافر في باله دائماً أنّ الثّبات على شكل من أشكال الاكتفاء الرّوحي حالة بائسة جدّاً. لا تتعلّق المسألة بالنّاموس بل بطاعته وتنفيذ وصاياه ممّا يجعلنا مُؤَهّلين لنَيل البركات الإلهيّة. |
|
أدركنا أثناء جلستنا مع د."بول نجروت" أنّ كلامه سيكون حادّاً ومثيراً لتحدّيات كثيرة. كان د."نجروت" أحد قادة الكنيسة تحت حكم الدّيكتاتور الرّوماني "نيكولاي شاوشيسكو" وعانى كثيراً بسبب إيمانه. لكنّه رأى رؤيا خلال ذروة الاضطهاد - إعلان تعويضي من الله - ليبدأ في تأسيس جامعة مسيحيّة. ملأت هذه الرّؤيا "بول" والقادة كلّهم بالخوف والجرأة في الوقت نفسه، لكنّهم أطاعوا واستكملوا الرّؤيا. واليوم أصبحت جامعة "عمّانوئيل" أكبر جامعة مسيحيّة بأوروبا ومنارة تشعّ ضوءاً في بلد كانت شيوعيّة ذات مرّة (www.emanuel.ro). سأل أحد القساوسة د."نجروت": "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أبدأ جامعة مسيحيّة في جنوب أفريقيا؟" وكانت الإجابة بسيطة للغاية. "إذا استطعت إخماد النّار في قلبك فلا تبدأ. لكن إذا كانت نار لا تُطفأ فاسعَ وراءها بكلّ كيانك". |
|
"لا بدّ أن تفكّر في الأمور الكبيرة وأنت تؤدّي الصّغيرة حتّى تسير الأمور الصّغيرة في الاتّجاه الصّحيح" ألفين توفلر |
|
ربّي الحبيب، أَعترف أنّ عينيّ ليست كافية لترى حقائق ملكوتك. لذلك أنا بحاجة لرؤيا روحيّة. أي أنا أعمى وبحاجة شديدة لأن تفتح عينيّ الدّاخليّتين على مقاصدك في حياتي. أعطني رؤيا من فضلك. |